• Home  
  • تأثير سد النهضة على الأمن القومي المصري
- سياسة

تأثير سد النهضة على الأمن القومي المصري

محمد علي العبيد المقدمة تعتبر مشكلة مياه حوض النيل من أهم المشكلات التي تواجه العديد من الدول المتواجدة على ضفاف النيل، فالنيل يعتبر أحد أهم الأنهار في العالم ويمثل مصدراً حيوياً للمياه والغذاء للعديد من البلدان في شمال أفريقيا، وتعاني دول حوض النيل من نقص حاد في المياه، حيث تواجه تحديات كبيرة في إدارة وتوزيع […]

تأثير سد النهضة على الأمن القومي المصري

محمد علي العبيد

المقدمة

تعتبر مشكلة مياه حوض النيل من أهم المشكلات التي تواجه العديد من الدول المتواجدة على ضفاف النيل، فالنيل يعتبر أحد أهم الأنهار في العالم ويمثل مصدراً حيوياً للمياه والغذاء للعديد من البلدان في شمال أفريقيا، وتعاني دول حوض النيل من نقص حاد في المياه، حيث تواجه تحديات كبيرة في إدارة وتوزيع المياه بشكل عادل بين الدول المشتركة، فالملف النيلي يعتبر ملفاً حساساً ومعقداً يتطلب حلولاً سريعة ومستدامة.

تعتمد مصر بشكل كبير على مياه النيل لسد احتياجاتها المائية والزراعية، بينما تعاني إثيوبيا من نقص حاد في المياه وتسعى للاستفادة من موارد النيل لتحقيق التنمية الاقتصادية، ويعد ملف مياه نهر النيل من الملفات الهامة والصعبة، ولاسيما في العلاقات المصرية الأثيوبية منذ عقود سابقة، إذ زادت حدة الخلافات في السنوات الأخيرة بين مصر ودول حوض نهر النيل ولاسيما أثيوبيا نتيجة ازمه بناء سد النهضة، حتى أصبحت هذه القضية أزمة دولية بين مصر وأثيوبيا.

Student’s name

Mohammed Ali Al-Ubaid

Muhammad Issa Abdullah / Lecturer at the Islamic University of Lebanon

Research Title

The impact of the Grand Ethiopian Renaissance Dam on Egyptian national security

Abstract

The Nile Basin water problem is one of the most significant challenges facing many countries located along the Nile. The Nile is considered one of the most important rivers in the world and represents a vital source of water and food for many countries in North Africa. The Nile Basin countries suffer from a severe water shortage and face major challenges in managing and distributing water fairly among the participating countries. The Nile issue is a sensitive and complex issue that requires rapid and sustainable solutions.

Egypt relies heavily on the Nile’s water to meet its water and agricultural needs, while Ethiopia suffers from a severe water shortage and seeks to benefit from the Nile’s resources to achieve economic development. The Nile River water issue is an important and difficult one. Especially in Egyptian-Ethiopian relations over the past decades, as the severity of the disputes has increased in recent years between Egypt and the Nile Basin countries, especially Ethiopia, as a result of the crisis of building the Renaissance Dam, until this issue became an international crisis between Egypt and Ethiopia.

المقدمة

شـهد العقـد الأول مـن القـرن الحادي والعشـرين بعـض التطـورات الهامـة فيمـا يتعلـق باسـتخدام الميــاه فــي حــوض النيــل، وتصاعدت مطالب بعض دول المنابع في مياه النيـل، من خلال التصريحات المتكررة من جانب المسؤولين في هذه الـدول ، كإثيوبيـا وكينيـا وتنزانيـا، علـى حقهـا فـي اسـتخدام ميـاه النيـل، بغـض النظـر عـن الاتفاقيـات القائمـة منـذ العهـد الاستعماري، والتي أعلنت تلك الدول أنها لا تعترف، بها كمـا شـرعت إثيوبيـا فـي إقامـة المشــروعات المائيــة علــى نهــر النيــل دون الالتــزام بمبــدأ الإخطــار المســبق لــدولتي المجــرى والمصـب.

لقد أصبحت قضية إقامة سد النهضة الإثيوبي أحد أبرز الأزمات التي تواجه حوض النيل، والذي يعتبر مصدر قلق كبير لمصر والسودان، فإثيوبيا تسعى لزيادة قدرتها على توليد الكهرباء وتحسين وضعها الاقتصادي من خلال بناء هذا السد، بينما تخشى مصر من أن يؤثر ذلك على حصتها من مياه النيل وتهديد استقرارها المائي([1]).

تعد مصر والسودان وإثيوبيا من أبرز الدول المتأثرة بمشكلة مياه حوض النيل، فالفقر الشديد وعدم الاستقرار السياسي الذي تعاني منه دول حوض النيل هي من أهم الأسباب التي تجعل المنطقة بيئة خصبة للاختراقات الخارجية، وتؤكد على غلبة الطابع السياسي على التعاملات المائية في حوض النيل، وبالأخص الدور الذي تلعبه كل من الولايات المتحدة والصين والكيان الصهيوني، كقوى خارجية محفزة على الصراع، وبالتالي مؤثرة على الأمن المائي لدول المنطقة.

إن العلاقات السياسية الخارجية التي ترتبط بها دول منطقة حوض النيل، تؤدي دوراً فاعلاً في إدارة تلك الأزمة، وتشكل في مجملها كتلة من العوائق الكبيرة في سبيل حل تلك الأزمة، حيث ترتبط دولة جنوب السودان منذ الانفصال بعلاقات وطيدة مع دول المنابع والتي تساندها بصفة دائمة في خلافاتها مع السودان، ولذا يأتي موقفها مؤيداً لدول المنبع ضد مصر والسودان في مسألة سد النهضة وداعما للاتفاق الإطاري لدول حوض النيل.

لقد حاولت مصر والسودان عقد اتفاقيات ومعاهدات مع دول حوض نهر النيل فيما يخص التحكم في جريان مياه النيل وتدفقه، ولكن جميع هذه الاتفاقيات لم تتوصل الى حل النزاع والخلاف الدائر بين مصر والسودان وإثيوبيا بسبب إصرار كل دولة على ما يسمى في حقوقها التاريخية في مياه نهر النيل. والدور الإسرائيلي في منطقة حوض النيل يبدو واضحاً، إذ يقوم الأمن القومي لإسرائيل على مرتكز أساسي، وهو إنشاء ” إسرائيل الكبرى”.

أولاً_ أهمية الموضوع:

تنبع أهمية هذا البحث من كونه يتناول قضية تمسّ الأمن القومي المصري بمفهومه الشامل، حيث تتقاطع فيها الأبعاد المائية والسياسية والاقتصادية بل وحتى الأمنية. فمصر دولة مصب تواجه تهديداً مباشراً لنصيبها من المياه، ما يُلقي بظلاله على خططها التنموية وأمنها الغذائي وسلامها الاجتماعي. كما أن هذا الموضوع يعكس طبيعة العلاقات الإقليمية في إفريقيا والشرق الأوسط، ويُبرز التحديات التي تواجه مبدأ التعاون في إدارة الموارد المشتركة.

ثانياً_ إشكالية البحث:

تتمثل الإشكالية الرئيسية لهذا البحث في السؤال التالي:

إلى أي مدى يشكل مشروع سد النهضة الإثيوبي تهديداً للأمن القومي المصري بمفهومه الشامل، وما هي الآليات الممكنة لمواجهته دبلوماسيًا وقانونيًا واستراتيجياً؟

وتتفرع من هذه الإشكالية مجموعة من الأسئلة الفرعية، من بينها:

  1. ما هي الأبعاد القانونية والسياسية لمشروع السد؟
  2. كيف يؤثر على الأمن المائي المصري؟
  3. ما دور العوامل الإقليمية والدولية في تعقيد أو حل النزاع؟

ثالثاً_ أهداف البحث:

يهدف هذا البحث إلى:

  1. تحليل أبعاد تأثير سد النهضة على الأمن القومي المصري من الزاوية المائية والسياسية والاقتصادية.
  2. توضيح الإطار القانوني للنزاع وفق القانون الدولي للأنهار الدولية.
  3. إبراز موقف الأطراف الدولية والإقليمية من هذه الأزمة.

رابعاً_ منهجية البحث:

يعتمد البحث على المنهج التحليلي الوصفي، حيث سيتم تحليل الوثائق والمعاهدات والمواقف السياسية ذات الصلة بسد النهضة وتأثيره على الأمن القومي المصري. كما يُستخدم المنهج القانوني لتفسير الأطر القانونية الدولية المنظمة للأنهار العابرة للحدود.

خامساً_ هيكلية البحث

المطلب الأول:  الأهمية الاستراتيجية لنهر النيل وسد النهضة.   

الفرع الأول: الأهمية الجيوستراتيجية لنهر النيل  

الفرع الثاني: طبيعة موقع سد النهضة الاستراتيجي والعوامل المؤثرة عليه.

المطلب الثاني: سياسية المياه الاثيوبية المصرية وتطور العلاقة بينهم.    

الفرع الأول: السياسة المائية لمصر وأثيوبيا في حوض نهر النيل.

الفرع الثاني: المشاريع والأطر التعاونية بين مصر وأثيوبيا.

المطلب الأول
الأهمية الاستراتيجية لنهر النيل وسد النهضة

أصبح تنفيذ مشروع سد النهضة يمثل ازمة حقيقية لها تأثيرات مهمة حالية ومستقبلية سواء كان في العلاقات الثنائية بين مصر وأثيوبيا أو في الوضع الإقليمي في منطقة حوض النيل. إذ يمثل مشروع سد النهضة الأثيوبي من أخطر المشروعات التي يمكن أن تؤثر تأثيراً مباشرا وخطيرا على حصة دولتي المصب، لاسيما مصر إذ أن مبدأ الانتفاع المشترك بمياه نهر النيل واستغلاله بشكل عادل يفرض التزاماً بضرورة مراعاة حقوق الدول المطلة على نهر النيل في امتلاك التكنولوجيا وتوليد الكهرباء والطاقة، شريطة أن لا يكون ذلك على حساب مصلحة دول المصب، فتحقيق التنمية المستدامة لهذه الشعوب يكون مشروعاً، ما لم يسبب ضرر بحقوق الدول الأخرى المتشاطئة لنهر النيل ويجب أن يتم ذلك من خلال مبدأ التشاور مع باقي دول الحوض([2]). ومن هنا سوف نقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فرعيين حيث سنعالج في الفرع الأول الأهمية الجيوستراتيجية لنهر النيل، أما في الفرع الثاني سوف نتطرق إلى طبيعة موقع سد النهضة الاستراتيجي والعوامل المؤثرة عليه.

الفرع الأول
الأهمية الجيوستراتيجية لنهر النيل

يشير مفهوم الأهمية الجيوستراتيجية (إلى تلك الميزة أو الخاصية التي تتميز بها دولة أو منطقة جغرافياً أو إقليم سياسي بالمقارنة مع الأقاليم الأخرى والحاجة الدولية لهذه الميزة أو الخاصية ذات الأهمية القصوى التي تتخطى البعد المحلي إلى الامتداد العالمي الذي يؤثر في التوازن الدولي ككل، كما ويُقصد بالأهمية الاستراتيجية لدول حوض النيل هو إشراف المنطقة على بحار ومحيطات ونقاط مهمة، إذ تتأتى الأهمية الجيوستراتيجية لحوض النيل لارتباطه بمناطق عدة، يتداخل معها بشكل يجعل تلك المناطق التي يمكن أن نسميها بمناطق التماس) عرضه للتأثر بالأوضاع السائدة في الحوض وهذه المناطق هي([3]):

أولاً: منطقة القرن الأفريقي:

تقع منطقة القرن الإفريقي في شرق أفريقيا وهو ذلك الرأس النائي من اليابسة على شكل قرن يشق الماء شطرين الشمالي منه هو البحر الأحمر والجنوبي منه هو المحيط الهندي، وعليه فأن القرن الأفريقي من الناحية الجغرافية يشمل أثيوبيا والصومال وجيبوتي، بيد أن بعض الجغرافيين قد وسع الرقعة التي يشملها هذا القرن لتضم كينيا وجنوب السودان بعد الانفصال. أن للقرن الأفريقي أهمية استراتيجية تتخطى الإطار المحلي والإقليمي إلى البعد العالمي، تنبع هذه الأهمية من الخصائص الإقتصادية السياسية العسكرية الحضارية، فضلا عن موقعه الاستراتيجي من البحر الأحمر واقترانه المباشر مع الخليج العربي. ولا تقتصر أهمية القرن الإفريقي على اعتبارات الموقع فحسب وإنما تتعداها للموارد الطبيعية وقربه من جزيرة العرب بكل خصائصها الثقافية ومكوناتها الاقتصادية، علاوة على ما فيه من جزر عدة ذات أهمية استراتيجية من الناحية العسكرية والأمنية، كما تشتمل المنطقة على غالبية دول حوض نهر النيل، ومن ثم فهي تتحكم في منابع نهر النيل([4]).

تقع منطقة القرن الأفريقي في شرق أفريقيا، وتكتسب أهمية خاصة للدول الكبرى نظرا لموقعها الاستراتيجي سواء أكان الحديث عن المنطقة بمفهومها التقليدي الذي يضم أربع دول فقط هي: الصومال وجيبوتي وأريتيريا وأثيوبيا أو بمعناها الواسع، إذ تدخل في إطار هذا المعنى دولا أخرى مثل السودان كينيا وأوغندا وتنزانيا وغيرها وبالنتيجة باتت الدلالة السياسية لمفهوم القرن الأفريقي أوسع من الدلالة الجغرافية للمفهوم، لاسيما أن العوامل الجغرافية والديموغرافية والتاريخية بل والاستراتيجية ساعدت على اتساع دلالة القرن الأفريقي، وعلى الرغم من المشكلات المختلفة التي تعانها المنطقة فإنها حظيت باهتمام كبير من جانب القوى الفاعلة في النظام الدولي سواء خلال مدة الحرب الباردة أو ما بعدها.

ثانياً: البحر الأحمر:

يطلق أسم البحر الأحمر على المسطح المائي الذي يفصل ما بين قارتي آسيا من الشرق وأفريقيا من الغرب وهو يربط ما بين المحيط الهندي وبحر العرب (من الجنوب والبحر الأبيض المتوسط من الشمال كان هذا البحر معروفاً في التأريخ باسم «بحر القلزم أما شهرته بالبحر الأحمر فتعود إلى لون بعض الطحالب التي تنبت، وتنتشر على سواحله خلافًا للاعتقاد السائد الذي كان يعزو سبب التسمية إلى كثرة الشعب المرجانية التي تعطيه هذا اللون كذلك كان يعرف بالبحر الجنوبي، وفق رأي المؤرخ اليوناني هيرودوت لتمييزه عن البحر المتوسط الذي كان يعرف بالبحر الشمالي([5]).

كما أن بعض المؤرخين والجغرافيين القدماء أطلقوا عليه اسم «بحر العرب»، أو «بحر مصر» لأنه بشاطئ شرقاً وغرباً شعوبًا في أغلبيتها عربية هو المجرى المائي المهم الذي يمتد من خليج السويس وخليج العقبة في الشمال وحتى مضيق باب المندب وخليج عدن في الجنوب، ويبلغ طوله من أقصى الشمال الغربي وحتى الجنوب الشرقي نحو (2400) كم وعرضه نحو (400) كم تقريبا، وعمقه (538)م كمعدل عام والدول التي تشترك في حوض البحر الأحمر هي مصر والسودان وأريتيريا وجيبوتي واليمن والمملكة العربية السعودية والأردن و(إسرائيل)، وقد اكتسب البحر الأحمر أهميته الاستراتيجية في العصر الحديث عقب افتتاح قناة السويس في العام (1869) لأنه أصبح طريقا لحركة التجارة الدولية بديلا عن رأس الرجاء الصالح، ومن ثم اكتسبت الدول المطلة على البحر الأحمر مكانة مهمة وبات البحر الأحمر محط أطماع العديد من الأطراف الدولية.([6])

ويشكل البحر الأحمر الحد الفاصل بين قارتي أسيا وأفريقيا وترتبط بقارة أوروبا عبر قناة السويس ومن ثم بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها، ولعل أهم ما يميز البحر الأحمر، من حيث كونه طريقا بحريا وملاحيا، هو امتداده جغرافيا بين الشمال الغربي والجنوب الشرقي، وبذلك يمتاز بكونه اقصر وأسرع طريق بين الشرق والغرب بصفة عامة وبين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط بصفة خاصة، ولذلك فأن التحكم بمداخله ومخارجه يعني التحكم بشرايين الملاحة الدولية لاسيما وان (90%) من إجمالي النفط المستورد من الخليج العربي إلى أوروبا الغربية وأمريكا يمر عبره، لذلك أصبح الوجود العسكري في البحر الأحمر ضمن الاستراتيجيات الكبرى للقوى الدولية وبالذات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا و إسرائيل([7]).

إذ أصبح البحر الأحمر هو الشريان الحيوي الاستراتيجي والسريع لنقل تلك السلعة الاستراتيجية إلى المستهلكين في الدول الصناعية، الغربية وبالمقابل فان حرية وصول السلع التجارية والصناعية من الغرب عن طريق البحر الأحمر أمر له أهميته الإقليمية والدولية المتزايدة([8]).

ثالثاً: المحيط الهندي:

تتشكل أهمية المحيط الهندي الجيو -استراتيجية من خلال أهمية الدول المطلة عليه جيوبوليتيكياً، فمن الشمال يشاطئ المحيط كل من الدول الأسيوية الآتية: دول شبه الجزيرة العربية اليمن والسعودية وسلطة (عمان) وإيران والباكستان والهند وبنغلادش وتايلاند وماليزيا، وإندونيسيا ومن الشرق أستراليا وبعض الجزر الأندنوسية، أما من الغرب فتطل عليه دول أفريقيا الشرقية مثل الصومال، وكينيا موزمبيق تنزانيا مدغشقر جنوب أفريقيا، ويتصل بالمحيط الأطلسي([9]).

لذا كان لزاما على الدول الكبرى أن تعمل من اجل ضمان مرور البضائع وموارد الطاقة والمواد الأولية بشكل سلس وأمن وذلك عن طريق ضبط أمن تلك الدول المتشاطئة على المحيط الهندي والبحر الأحمر والتي من خلالها تمر خطوط الملاحة الدولية الرئيسية ويقصد بها مصر التي تتحكم بقناة السويس وهنا تعمل هذه الدول الكبرى إلى الضغط عبر دول الحوض أثيوبيا بالتحديد لإيجاد حالة التوتر حول المياه ومن ثم إمكانية التدخل والتحكم بها، إذ تعد مصر مفتاح الدخول والخروج إلى المحيط الهندي، ومنها إلى المحيط الأطلسي، من جانب آخر فأن المحيط الهندي يشكل القناة التي عن طريقها تعبر كميات هائلة من موارد الطاقة والتموين بالمواد الأولية إلى أوروبا أمريكا الشمالية واليابان إذ أن السيطرة على طرق المواصلات البحرية هي على جانب كبير من الأهمية الاستراتيجية مثلما هو الحال في السيطرة على الأراضي التي تحيط بالمحيط الهندي([10]).

رابعاً: خليج عدن:

 وهي المنطقة التي تقع بين السواحل اليمنية في الشمال والسواحل الصومالية في الجنوب، ويحدها من الشمال الغربي البحر الأحمر عند مضيق باب المندب، ومن الشرق بحر العرب في مياه المحيط الهندي وتعد منطقة خليج عدن منطقة حيوية لأنها تقع عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر تعد من الطرق الملاحية المهمة للسفن التجارية وناقلات النفط وسفن الشحن من الخليج لأوروبا والولايات المتحدة([11]).

هذا الموقع له أهمية استراتيجية دولية فهذه المنطقة التي تجرى فيها عملية القرصنة تقع في قلب العالم والذي يعد من أهم المناطق للملاحة الدولية لذلك فهنالك آثار وتداعيات سلبية أثرت في الجميع بشكل عام وعلى دول المنطقة بشكل خاص وتلك الدول هي ” اليمن الصومال السعودية، جيبوتي والسودان([12]).

وهكذا يتبين أن دول حوض النيل تتمتع بمزايا جغرافية عدة جعلتها عرضة لتهديدات داخلية وخارجية كما أن علاقات دول الحوض بعضها مع بعض كانت تتأثر بشكل كبير بفعل تلك العوامل الجغرافية والمناخية. نتوصل إن أهمية هذه المنطقة لا تتمثل في قيمتها الجيوستراتيجية فقط وإنما من الناحية الثقافية وأصبحت تشكل منطقة تلاقي الأديان المسيحية واليهودية والإسلامية، وديانات أخرى محلية وبعد ذلك اكتسبت المنطقة قيمة في التفكير الاستراتيجي الغربي بشكل عام والأمريكي بشكل خاص نظراً لأن غالبية سكان تلك المنطقة يدينون بالديانة الإسلامية من جهة وفي ضوء ظهور ما يسمى بالصحوة الإسلامية وبروز قوى إسلامية في السودان والصومال وإقليم أوغادين المحتل من أثيوبيا وكينيا من جهة أخرى، وازداد الاهتمام بالمنطقة لاسيما بعد أحداث 11 أيلول 2001 بعد ورود معلومات مثلاً عن علاقة الإتحاد الإسلامي الصومالي بتنظيم القاعدة([13]).

الفرع الثاني
طبيعة موقع سد النهضة الاستراتيجي والعوامل المؤثرة عليه

يقع سد النهضة، نهاية النيل الأزرق في منطقة بني شنقول جوموز، على بعد يتراوح بين 20 -40 كم من الحدود السودانية عند خط العرض (6) -(11) شمالا وخط الطول 9 -(35) شرقا. وعلى ارتفاع بين (500 -600 متر فوق مستوى سطح البحر، ضمن منطقة يصل متوسط الأمطار فيها إلى (800 ملم بالسنة)([14])، وتغلب عليها الصخور المتحولة التي تعود إلى عصر ما قبل الكامبري الغنية ببعض المعادن كالذهب والبلاتين والحديد والنحاس فضلا عن محاجر الرخام.

إن الموقع الذي تم اختياره لإنشاء السد كان لاعتبارات سياسية، وذو أبعاد واستراتيجية كبيرة، إذ أن هذا المكان على النيل الأزرق هو الأكثر توافرا وتدفقا للمياه، إذ يسهم بنحو %80% من حجم المياه القادمة لمصر، ومن المتوقع أن يحجز خلفه ما يعادل ضعف بحيرة تانا، ونحو نصف السعة التخزينية لبحيرة السد العالي في مصر، مما يعني نقل المخزون المائي أمام بحيرة ناصر إلى الهضبة الأثيوبية وتحكم أثيوبيا في كل قطرة مياه تأتي إلى مصر([15]).

إذ أعلنت أثيوبيا في أيار 2011، بأنها سوف تتقاسم مخططات السد مع مصر حتى يمكن دراسة مدى تأثير السد على المصب. وفي أذار 2012، أعلنت الحكومة الأثيوبية عن تحسين وتحديث تصميم محطة توليد كهرباء السد وزيادتها من (5250) ميكا واط إلى (6000) ميكا واط. ويشار إلى أن إنجاز مشروع سد النهضة سيكون نهاية عام 2017، وسيصبح أكبر سداً كهرومائياً في القارة الأفريقية والعاشر عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء، إذ أن الطاقة التوليدية للكهرباء لسد النهضة من المتوقع أن تبلغ حوالي (6000) ميكا واط.

إنّ عملية تنفيذ مشروع سد النهضة تمثل واحدة من الأزمات الدولية التي تؤثر على واقع العلاقات الثنائية بين كل من مصر وأثيوبيا لارتباطها بشكل مباشر بالأمن القومي المصري، نظرا لمجموعة متزايدة من التداعيات المترتبة على إتمام تنفيذ هذا المشروع، والتي تؤثر على دولة مصر، لا سيما بعد ثبوت عدم قانونية مشروع سد النهضة وفقاً لأحكام القانون الدولي والاتفاقيات الدولية المعنية بالأنهار. لقد بررت أثيوبيا اتباعها لسياسة مائية جديدة في ضوء رغبتها رفض الهيمنة المائية المصرية التي كانت سائدة جراء تطبيق الاتفاقيات المائية السابقة المبرمة بين دول حوض النيل.

إذ قامت أثيوبيا بوضع أسس سياستها المائية الجديدة وذلك من خلال اللجوء إلى إقامة مشاريع السدود على نهر النيل ينبع من أراضيها، ولم يكن هذا التفكير مفاجئاً للمتابعين لقضية السدود الأثيوبية ففكرة هذه المشاريع ليست جديدة مثلما تم الإعلان عنها في تدشين بناء اكبر سد أثيوبي على النيل الأزرق، وأكبر سد لتوليد الكهرباء في القارة الأفريقية إذ سبق أن تم تحديد الموقع النهائي لسد النهضة الأثيوبي الكبير Grand Ethiopian Renaissance Dam) بواسطة مكتب الولايات المتحدة للاستصلاح States) Bureau of Reclamation) احدى إدارات الخارجية الأمريكية خلال عملية مسح للنيل الأزرق أجريت بين عامي 1956 – 1964 ([16]).

لقد شرعت أثيوبيا في تنفيذ عدد من المشاريع المائية على نهر النيل لتوفير المياه للري وأنشاء محطات لتوليد الكهرباء إذ سعت أثيوبيا لإقامة (33) سداً على الأنهار التي تغذي النيل الأزرق وعلى بحيرة تانا إذ قامت أثيوبيا في نهاية الخمسينيات من القرن المنصرم وخلال مدة حكم الإمبراطور الأثيوبي (هيلا سيلاسي) وبالتعاون مع  المكتب الأمريكي لاستصلاح الأراضي الزراعية بعمل أول دراسة متكاملة بخصوص الاستغلال الرشيد المياه النيل الأزرق في أثيوبيا وذلك خلال المدة بين عامين (1956 – 1964) في الوقت الذي كانت فيه العلاقات بين واشنطن والقاهرة في أسوأ أحوالها([17]).

وعليه يمكن القول إن أثيوبيا تسعى عن طريق تشييدها لتلك المشاريع المائية بالاستناد إلى إمكانياتها الطبيعية لتوفير الخدمات الكهربائية لسكانها، وأيضا توفير وفرة اقتصادية يساعد على تغيير جزء كبير من واقع الفقر الذي تعيشه البلاد، فضلا عن الأهداف الاستراتيجية السياسية التي تسعى أثيوبيا لتحصيلها عن طريق بسط نفوذها على مياه النيل وفرض السياسات على الدول المصب ولاسيما مصر والسودان. وبالفعل قامت أثيوبيا بتاريخ 2 نيسان عام 2011 بالإعلان عن مشروع تحويل مجرى النيل الأزرق في مسعى منها لتنفيذ السياسة المائية الجديدة، ولم يكن اختيار هذا التأريخ اعتباطياً بقدر ما كان يهدف إلى استغلال حالة الارتباك الداخلي في مصر والتي كانت تعاني من حالة الفوضى السياسية بعد شهرين من اندلاع ثورة كانون الثاني عام 2011([18]).

واستناداً لما سبق فأن سد النهضة الأثيوبي يعد من ابرز ملامح السياسة المائية التي سعت أثيوبيا لاتباعها في المراحل اللاحقة للسياسة التي ألغت بموجبها الاتفاقيات السابقة المعقودة بين دول حوض النيل، ورغم ذلك تحاول الحكومة الأثيوبية الإيحاء بأن الترتيبات المتعلقة بتحويل مجرى النيل الأزرق ما هي إلا خطوة ضمن متطلبات مشروع بناء سد النهضة، ولأن النهر سيعود لمجراه الطبيعي بعد اكتمال بناء السد، لذلك تأتي المحاولات الأثيوبية في التقليل من أضرار هذا السد على دول المصب لاسيما أن الإعلان عن تحويل المجرى قد مثل ضربة البداية في ازدياد حجم التوتر في العلاقات المصرية الأثيوبية([19]).

وهذا أصبحت ازمه سد النهضة القضية الأخطر التي تواجه العلاقات المصرية الأثيوبية، لكن هل أن الخلاف القائم حالياً بين مصر وأثيوبيا يدور في حقيقة الأمر حول الموارد المائية أم على الطاقة؟ أم أنه يتعداهما ليصبح صراعاً سياسياً يتعلق بانهيار مصر كقوة إقليمية في المنطقة وصعود مراكز قوى أخرى؟ وهذا الأمر يدفع للإقرار بأن المنطقة التي يقام فيها السد عبارة عن هضبة شديدة الوعورة وغير ملائمة لإقامة مشروعات زراعية إلا في مساحات محدودة، بما يرجح أن يتركز دور هذا السد الكبير على توليد الطاقة التي تحتاجها، أثيوبيا لكن مدة ملء خزان السد ستقطع جزءاً مهماً من مياه النيل الأزرق التي تتدفق إلى مصر والسودان، وهي مدة الأزمة التي ستوقع أضرارا جسيمة بمصر لا يمكن احتمالها، وتفرض ضرورة مراجعة حجم خزان السد ومدة ملئه.

وتعد عملية بناء السدود الأثيوبية جزءاً رئيساً من استراتيجية النوبية قومية شارك في وضعها العديد من الدول الأوربية ومنظمات دولية بقصد تحويل أثيوبيا من دولة ضمن دول العالم الثالث الأكثر فقراً إلى مصاف الدول المتوسطة الدخل بحلول عامي 2025 -2030 من خلال إنتاج الطاقة الكهرومائية النظيفة للاستهلاك المحلي والتصدير إلى دول الجوار([20]).

وانتقد Asaw Beyene أحد خبراء الهندسة بجامعة سان دييجو كاليفورنيا، سد النهضة وحجم الطاقة المنتجة على أنها مضخمة بشكل كبير فحجم الطاقة المولدة سيكون في حدود (2000) ميكا واط وليس (6000)، لان القياس يجب أن يكون على متوسط تصريف النهر على مدى العام كما أن مدة امتلاء بحيرة السد ليس فقط حول خمس سنوات، بل هي (15) عاماً وأكثر حسب ارتفاع منسوب التخزين في الوقت نفسه الذي يجب أن تمرر فيه أثيوبيا حجماً كبيراً من المياه إلى السودان ومصر([21]).

مما سبق يتبين أن النتيجة الأبرز والأكثر وضوحا والتي لا تحتاج الوصول اليها إلى الكثير من الجهد أن مشروع سد النهضة أو الألفية قد تمّ البدء في إنشائه دون دراسات علمية متأنية ومتعمقة. وتشير الكثير من الدلائل إلى أن هذا المشروع تحوطه الكثير من الشكوك وأن دوافعه السياسية أكثر وضوحاً من دوافعه الاقتصادية إذ لم يتم أجراء دراسة جدوى متأنية تحسب بدقة معايير الربح والخسارة والمدخلات والمخرجات والجوانب الإيجابية والسلبية لمشروع السد، كما يتبين أن هناك تعتيماً تاماً على المشروع من قبل الحكومة الأثيوبية وأنه يفتقر إلى الشفافية كما أنها تحجب الكثير من المعلومات عن دول المصب مصر والسودان.

المطلب الثاني
سياسية المياه الاثيوبية المصرية وتطور العلاقة بينهم

إن التعاون مع دول حوض النيل عانى من عدد من الصعوبات نتيجة عدم الاستقرار السياسي لدول الحوض بسبب الصراعات والحروب الأهلية وتركيز حكام هذه الدول على البقاء في الحكم الأطول مدة ممكنة وقد أدى هذا إلى اهمال مشروعات المياه واهمال التخطيط لتطوير وتعظيم الاستفادة من مياه النيل، فضلا عن التخوف من دول الحوض في عقد اتفاقية خاصة بمياه النيل، وذلك لنقص الكوادر الفنية المتخصصة في المياه لديها وخوفها تبعاً لذلك التلاعب بهاء وخوفها من التقيد بشروط قد تندم عليا مستقبلا كما لم يكن لدى دول حوض النيل خطط رئيسة لاستغلال المياه، ويعود هذا إلى أن هذه الدول ليس لديها الخبرة الكافية لإعداد هذه الخطط.

ومن هنا سوف نقوم بتقسيم هذا المطلب الى فرعيين حيث سنعالج في الفرع الأول السياسية المائية لمصر واثيوبيا في حوض نهر النيل، اما في الفرع الثاني سوف نتطرق الى المشاريع والأطر التعاونية بين مصر وأثيوبيا.

الفرع الأول
السياسة المائية لمصر وأثيوبيا في حوض نهر النيل

اتسمت العلاقات بين دول حوض النيل بجملة من الصراعات السياسية وتقاسم النفوذ بين الدول الاستعمارية خاصة منذ نهاية القرن التاسع عشر، نظراً للموقع الجغرافي الذي تحتله دول حوض النيل على الخريطة السياسية للدول الاستعمارية([22]).

تعتمد الدول المتشاطئة على مياه نهر النيل بصورة كبيرة من النواحي الاقتصادية والحياتية والاجتماعية، إذ تعد مصر من أكثر الدول احتياجاً واستخداماً لمياه نهر النيل، وحاجتها اليها أكثر من أثيوبيا ولهذه فأن مصر اكثر قلقاً على هذه المياه من أثيوبيا التي لديها مياه وفيرة ومصادر أخرى، كما أن لديها منابع نهر النيل وانهاراً دولية أخرى، كما إنها قادرة على التحكم في مياهها ولاسيما بعد تنفيذ سياساتها المائية المتمثلة بمشاريعها المائية، وهذه السياسة هي التي خفضت وستخفض اكثر من منسوب المياه في نهر النيل مما سيؤدي إلى معاناة وأزمات في مستوى ونوعية المياه المتدفقة إلى مصر.

وتتداخل السياسة والمياه بشكل وثيق في عملية استثمار مياه النيل من حيث إقامة المشروعات المائية عليه، فالقرار النهائي لمشروعات تطوير موارد المياه هو إلى حد كبير جزء من عملية سياسية محلية ويقرر المخططون في مجال تنمية موارد المياه جدوى المشروعات، بينما يقرر رجال السياسة تنفيذ هذه الخطط([23]).

وبالرغم من حصول كافة حوض النيل على استقلالها السياسي خلال منتصف القرن العشرين لم يتسن لها عقد اتفاقية نهائية بشأن تقاسم حصص المياه فيما بينها، لذا فأن جوانب عدة من الصراع على المياه بين دول الحوض بعضها موروث من المرحلة الاستعمارية والبعض الآخر رافقت الدول المستقلة وطرأت على المعادلة الاستعمارية القديمة تغيرات جديدة قانونية سياسية منها ما يتعلق بتشريعات دولية بشأن الأنهار الدولية والتي حولت مجرى الصراع إلى صراع قانوني بشأن الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة نيابة عن الدول المستعمرة([24]).

إذ أن أدوات السياسة المائية هي تطوير التشريعات المائية إذ أنها تعد الإطار الذي يتم خلاله الممارسات المائية كافة إلى جانب أنه الشرط الأساس لضمان نجاح عملية إدارة الموارد المائية. لهذا يمكن القول إن السياسة المائية لأي دولة هي فن إدارة المياه وهي الإطار الذي يتم من خلاله تدبير الموارد المائية أيضاً واستنباط مجموعة القواعد المنظمة لذلك، والسياسة المائية تمثل مصالح دولها لذا فأن الاختلاف في استثمار مياه نهر النيل ينطلق من التقدير المسبق لتلك المصالح، لذلك سوف نوضح موقف كل من مصر وأثيوبيا فيما يتعلق بالسياسة المائية لكل دولة([25]).

أولا السياسة المائية المصرية:

لا يتوقف دور النيل في حياة المصريين عند كونه شريان حياتهم الرئيس، أو أنه ذلك الممر المائي الطويل الذي يجتمعون حوله، وأدى دوراً كبيراً في تشكيل حياتهم الاجتماعية والثقافية ،والسياسية بل يتجاوز النيل ذلك ليصبح أحد الثوابت الأساسية في سياسة مصر الخارجية، ونظراً لأهمية مياه النيل كأساس لأي عملية تنمية حالية أو مستقبلية فنهر النيل قد فرض نفسه على مختلف القيادات السياسية التي توالت على حكم مصر، منذ الدولة الفرعونية حتى وقتنا الراهن وبالدرجة نفسها من الأهمية، بهدف تأمين وصول المياه واستمرار تدفقها إلى أراضيها([26]).

ولأول مرة منذ عام 2000، أعلنت مصر عن سياساتها المائية وجاء إعلان تلك السياسة بعد اجتماع عقد للجنة الوزارية للري والمياه برئاسة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في (5) شباط عام 2000، وتضمنت هذه السياسة خططاً للتوسع الزراعي والتي تضيف ثلاثة ملايين و (600) ألف فدان إلى الرقعة الزراعية المصرية كمساحة فقط، وتحدد المصادر والوسائل اللازمة لتوفير مياه الري لهذه المساحات الجديدة ومنها مياه الصرف الزراعي ومياه الصرف الصحي المعالجة والمياه الجوفية([27]).

ومن الواضح أن مصر تعد أشد دول الحوض احتياجاً لمياه النيل إذ تعتمد عليها اعتماداً كلياً، وفى مختلف الاستعمالات الزراعية والصناعية والمنزلية، لذلك فأن أي نقص في كمية المياه التي ترد اليها من نهر النيل ستؤثر سلباً في إنتاجها الزراعي والصناعي، لذلك تعد حصتها من المياه هي الحد الأدنى المطلوب([28]).

وقد تطلبت السياسة المائية المصرية ضرورة اللجوء إلى تكنولوجيا المياه لسد العجز لديها كما أن مصر حاولت صياغة سيناريوهات لمستقبل الموارد المائية فيها على أساس إضافة موارد جديدة من مشروعات تنمية المياه بحوض النيل الأعلى على الأقل حتى عام 2025، كما أنها تحاول تطوير مشروعات الري الأساليب الحديثة الموفرة للمياه مثل تحويل نظام الري من ري سطحي إلى ري منظور وضمان العدالة في توزيع مياه الري وعدم الإسراف.([29])

كما بدأت الحكومة المصرية بتنفيذ عدد من السياسات المائية من ضمن خططها المقامة وتتضمن هذه السياسات:

1-استخدام المياه الجوفية في الدلتا والمناطق الصحراوية

2 إعادة استخدام مياه الصرف الصحي والزراعي.

3-صيانة مجاري المياه ووقايتها.

4-تطوير الري عن طريق البرنامج القومي لتحسين الري.

لذلك حرصت مصر على محاولة تأمين مصالحها من مياه نهر النيل وذلك في صورة اتفاقيات وبروتوكولات لتنظيم العلاقة بينها وبين دول حوض نهر النيل سواء كانت مستقلة أو تحت الاحتلال وذلك لتحقيق هدفين أساسيين هما([30]):

أ-إقامة مشروعات جديدة لتقليل الفاقد من اجل زيادة إيراد النهر.

ب-عدم المساس بالحقوق المكتسبة لمصر من مياه النيل.

ثانياً: السياسة المائية الأثيوبية:

انطلقت السياسية المائية الأثيوبية الجديدة عام 2011، عندما ألغت أثيوبيا من جانها اتفاقية 1902 الموقعة من قبل الإمبراطور (منليك) المعتمد البريطاني في أديس أبابا. وتتصف ملامح السياسة المائية الأثيوبية الجديدة كونها تسعى للتعاون مع دول حوض النيل، فضلا عن إعلانها بأن الاتفاقيات التي تنظم استخدام مياه النيل التي سبق أن تم توقيعها في الحقبة الاستعمارية غير ملزمة لها وللسلطات الحالية في تلك الدول، لذلك أخذت أثيوبيا تروج لفكرة أن من حقها إقامة مشاريع السدود والجسور على نهر النيل بدعوى توليد الكهرباء واعتماد سياسة الزراعة الدائمة، بدل الزراعة الموسمية والمطالبة بتوقيع اتفاقيات إطارية جديدة بين دول حوض نهر النيل بخلاف اتفاقية عام 1929، بدعوى أن بريطانيا هي من وقعت تلك الاتفاقيات. لذلك شرعت أثيوبيا بتشييد قرابة (10) سدود بعضها تموله الصين والبعض الآخر إسرائيل([31]).

إن أثيوبيا دولة محرومة من السواحل البحرية أي دولة حبيسة كما أن حدودها البرية تقع داخل دول نامية وفقيرة ولديها مشكلات داخلية خاصة بها بسبب الحدود، كما أنها تعاني من مشكلات داخلية عديدة، فقد احتلت أراض عربية مثل أريتيريا([32]) لقد تمكنت أثيوبيا منذ بداية القرن الحادي والعشرين أن تصبح قوة إقليمية في المنطقة بدعم إسرائيلي وأمريكي دفعها لمنافسة النفوذ المصري والسوداني في المنطقة([33]).

يتلخص موقف أثيوبيا بعد استقلالها شأنها شأن دول حوض النيل الأخرى، برفضها الاتفاقيات السابقة والتي وقعتها نيابة عنها الدول الاستعمارية لانها تعدها انتهاك سيادتها، وقد عبر السيد امينا” ممثل الحكومة الأثيوبية في ندوة نهر النيل التي عقدت في لندن عام 1999، بالقول أن” بلاده لا تعترف بالاتفاقيات التي عقدت في ظل الدول الاستعمارية أو معها، وتعدها غير ملزمة للدول المستقلة الجديدة. ولأنه لابد من توقيع اتفاقيات جديدة وعادلة بين دول حوض النيل ولا تعطي دول المصب حقاً مطلقاً في الاعتراض على مشروعات المياه في دول المنبع.

لذلك ارتبطت السياسة المائية في أثيوبيا بالقرار السياسي للدولة ونالت اهتمام رؤسائها فقد ظلت مياه المنابع الأثيوبية اختصاصاً ينفرد به رئيس الدولة الأثيوبية. لذلك سعت الحكومات الأثيوبية منذ حكم الإمبراطور (هيلاسيلاسي) مروراً بحكم منغستو هيلا ميريام العسكري وكذلك رئيس الوزراء (ميليس زيناوي وحتى رئيس الوزراء الحالي هايلي مريام ديسالين إلى انتهاج سياسات مختلفة مع دول الجوار العربي بسبب المياه المتدفقة من أراضيها إلى أراضي تلك الدول، فمصر والسودان عانتا كثيراً من سياسات أثيوبيا المائية لما تشكله مياه النهر من أهمية كبيرة لهذين البلدين العربيين ولاسيما مصر والتي لا تمتلك مصادر أخرى للمياه سوى مياه النيل لقلة نسبة الأمطار الموسمية التي تسقط على أراضيها([34]).

كما أعلنت أثيوبيا في عام ،1980 في معرض ردها على نقل مياه النيل من مصر إلى سيناء والمعروفة بمشروع ترعة “السلام انه لا ينبغي لترعة السلام المزمع أنشاؤها أن تتجاوز جبال سيناء إلى ميناء العريش وذلك لان حدود النهر الدولي تقع في المناطق التي لها صفة الامتداد وان الأرض المصرية تمتد من النيل منبسطة حتى جبال سيناء([35]).

وعليه فأن مياه النهر يجب أن تسير دون ضخ ميكانيكي داخل الحوض، وبالتالي تحدد حدود الحوض بالسير الطبيعي للمياه ومع مجيء حكومة ميليس زيناوي في أثيوبيا في بداية التسعينيات من العقد الماضي والتي جددت رفضها لجميع الاتفاقيات السابقة الأمر الذي أكده مجلس الشيوخ الأثيوبي والذي بدوره رفض التصديق على تلك الاتفاقيات والذي أعطى حافزاً للحكومة الأثيوبية بزعامة (ميليس زيناوي) بأن يعد هذه الاتفاقيات باطلة ولا تحمل صفة الإجبار ويجب عدم الالتزام بها. والواقع أن أثيوبيا قد عبرت وفي مناسبات عديدة عن رفضها لكل الاتفاقيات والمعاهدات التي من شأنها الاعتراف بتقاسم المياه أو رفد حصص استضافتها لاحد مؤتمرات وزراء دول حوض النيل عام 2000، إذ روجت الفكرة لبقية الدول المشاركة في نهر النيل.

ولقد وزعت أثيوبيا مذكرة رسمية على جميع البعثات الدبلوماسية في القاهرة عام 1956، تضمنت احتفاظها بحقها في استعمال موارد المياه في نهر النيل لصالح شعبها بغض النظر عن حاجات الدول المشاركة معها في موارد النهر.

وعليه فقد وضعت أثيوبيا سياسة استراتيجية للإدارة المائية ترمي إلى تحقيق ما يأتي:

1-توسیع إمدادات المياه والصرف الصحي لتغطية قطاعات كبيرة من المجتمع ومن ثم توسيع الظروف الصحية والبيئية.

2-تحسين المستوى المعاشي والاجتماعي والاقتصادي العام للشعب الأثيوبي.

3-إدراك الاكتفاء الذاتي من الغذاء والأمن الغذائي في البلاد عن طريق استخدام الأمثل لمياه نهر النيل.

4-تشجيع مبادرة الإدارة المتكاملة للموارد المائية في الداخل الأثيوبي.

5-تعزيز مساهمة الموارد المائية في تحقيق أولويات التنمية الوطنية.

6-توليد ومضاعفة الطاقة الكهرومائية.

الفرع الثاني
المشاريع والأطر التعاونية بين مصر وأثيوبيا

هناك إطار للتعاون بين مصر وأثيوبيا الذي تم توقيعه في القاهرة في الأول من تموز عام 1993 بين كل من الرئيس المصري الأسبق (حسني مبارك)، ورئيس الوزراء الأثيوبي الأسبق (ميليس زيناوي) وكان لهذا الإطار دور كبير في تحسين العلاقات المصرية الأثيوبية، فلأول مرة تقبل فيها أثيوبيا الدخول في مفاوضات بشأن استخدام مياه النيل على أساس قواعد القانون الدولي، ولقناعتها بانه لا ضرر من إجراء تلك المفاوضات، وقد تضمن هذا الإطار النقاط الأتية([36]):

1-ضرورة المحافظة على مياه النيل وحمايتها.

2-التشاور والتعاون بين الدولتين بغرض إقامة مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقليل الفوائد.

3-عدم قيام أي من الدولتين بعمل أي نشاط قد يسبب ضرراً بمصالح الدول الأخرى، واحترام القوانين الدولية.

اتسمت علاقات التعاون الجماعي بين دول حوض النيل، ولمدة طويلة جداً بمبادرات دبلوماسية وسياسية فاشلة مما أدى في نهاية الأمر إلى عدم وجود تعاون حقيقي، وكان من أبرز الأسباب وملامح التوتر الصراع الخفي بخصوص الرؤى بين دول المنبع ودول المصب. فالأولى تسعى لفرض سيطرتها الكاملة على مجرى النهر بأكمله كونها في موقع القوة نظراً لكونها المصدر الرئيس الذي تغذي نهر النيل، بينما تتمسك دول المصب بمبدأ الاستخدام العادل والمعقول وعدم الأضرار كما تتمسك بأولوية الحقوق التاريخية.

إن قضية التعاون الإقليمي ودعمه يجب أن يكون هو الأساس لاستراتيجية دول حوض النيل تجاه قضية مياه النيل والعلاقات فيما بينها وهي المدخل الطبيعي لحماية مصالحها الاستراتيجية في حوض النيل وهي الوسيلة التي يتجنب بها أزمة المياه، علاوة على ما يحمله التعاون الإقليمي من فرض الاستفادة من إيرادات النهر([37]).

وبما يحققه من تجنب الصراع السياسي أو العسكري بين دول الحوض وعليه يمكن القول أن بعض دول الحوض حاولت أن تطرح تصورات وتدعو إلى اتخاذ إجراءات نحو التعاون الإقليمي لضبط النهر بين دول حوض النيل وذلك في اطار العمل بميثاق وقرارات منظمة الوحدة الأفريقية السابقة والذي يدعو إلى قيام التكتلات والتجمعات الاقتصادية بين دول القارة الأفريقية وصولا إلى خلق سوق أفريقية مشتركة طبقاً لخطة عمل “لاجوس” الاقتصادية والتي أقرتها منظمة الوحدة الأفريقية عام 1980، التي ناقشت الأوضاع الاقتصادية في القارة وما تلاها من عقد معاهدة “أبوجا” الاقتصادية عام 1991 ، التي تدعو إلى قيام التكتلات والتجمعات كخطوة على طريق التكامل الاقتصادي الجماعي للقارة الأفريقية([38]).

تمثل التفاعلات المائية النسبة الغالبة إلى مجمل التفاعلات الأخرى بين دول الحوض، لذلك يصبح القطاع المائي وكل ما يرتبط به من تفاعلات تعاونية من اهم قطاعات التعاون بين دول حوض النيل انطلاقاً من حقيقة أن التعاون المائي بين مصر والدول المتشاطئة لحوض النيل من شأنه يعمل على احتواء وحل الصراعات القائمة أو المحتملة التي تنشأ حول المياه في حوض النيل، فقد كانت هناك محاولات لتدعيم التعاون المائي بين دول حوض النيل، لذلك نستطيع أن نميز بين مدتين لتجربة التعاون المائي في حوض نهر النيل أولهما قبل عام،1997، إذ تضمنت ثلاث صيغ للتعاون وهي “الهيدروميت، الاندوجو التكونيل، إذ امتازت بعدم الشمول وعدم التنوع في الطرح التعاوني لذلك فشلت جميعها في مستوى التعاون المائي، وثانيهما بعد عام 1997، فقد شهد قيام مبادرة حوض النيل (NBI) والتي تقوم على منهج التنمية المتواصلة والعادلة لموارد النهر بهدف تحقيق النفع المشترك والمتبادل لجميع الدول النيلية، ومن ابرز مشروعات التعاون المائي ذات الطبيعة الجماعية بين دول حوض النيل هي([39]):

1-هيئة مياه النيل:

تم إنشاء هيئة دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان تحت مظلة اتفاقية عام 1959 تعمل على دراسة وإنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر وكان اهم دراستها مشروعات أربعة تقع جميعها داخل حدود السودان ولا تؤثر على 3 دول المنبع الأخرى وتوفر (18) مليارم سنوياً بعد انتهائها وهي (مرحلة أولى من مشروع قناة جونقلي، والمرحلة الثانية من مشروع قناة جونقلي مشروع مشار، مشروع بحر الغزال)، وتضم هيئة مياه النيل لجنة فنية تجمع خبراء البلدين مصر والسودان وتجتمع دورياً لحل أي مشكلات تعترض تنفيذ اتفاقية 1959([40]).

2-مشروع الدراسات الهيدرومترولوجية لحوض البحيرات الاستوائية (هيدروميت)

وهو أول مشروع تعاون مشترك بين دول حوض النيل (3). وهو المشروع الذي بدأ بدراسة الأرصاد الجوية لحوض البحيرات الاستوائية وقد انطلق هذا المشروع عام 1967 بمشاركة كل من مصر وتنزانيا والسودان وكينيا وأوغندا ثم بعدها انضمت كل من رواندا وبورندي عام 1971، ثم الكونغو الديمقراطية عام 1977، وأخيرا انضمت لها أثيوبيا بصفة مراقب([41])”.

وقد كان هدف مشروع الدراسات الهيدرومترولوجية لحوض البحيرات الاستوائية بحيرة فكتوريا وكيوجا وألبرت هو لأجراء مسح للأرصاد الجوية النهرية لمناطق تجمع الأمطار في البحيرات وقد تم هذا المشروع على ثلاث مراحل:

أ-المرحلة الأولى من 1967 وحتى 1972 بتمويل من برنامج الأمم المتحدة.

ب-المرحلة الثانية من 1976 وحتى 1980 بتمويل من برنامج الأمم المتحدة.

ج-المرحلة الثالثة من 1981 وحتى 1992 بدعم من الدول المتشاطئة.

ولم يحقق هذا المشروع خطوة ملموسة في دفع التعاون إلى مجالات أخرى بجانب المجالات البحثية المتعلقة بالهدر وميت ولم يحظ المشروع بدرجة القبول الكافية ليكتمل المسيرة التكاملية، إذ ظل المشروع طيلة ربع قرن من الزمن اقتصر على جمع البيانات بالميزان المائي لدول الحوض، كما أن انعدام الثقة المتبادلة بين دول الحوض لاسيما بين دول المنابع ودول المصب ساهم في إعاقة معدلات تطور العملية التعاونية بشكل واضح.

3-تجمع الاندوجو:

تم تأسيس تجمع الاندوجو عام 1983، بمبادرة من مصر، استجابة لتوصيات عمل لاجوس عاصمة نيجيريا الحالية للتنمية الاقتصادية لأفريقيا الناتجة عن مؤتمر القمة الأفريقي الذي انعقد في لاجوس عام 1980([42]).

وكانت فكرة الدبلوماسية المصرية تكوين مجموعة إقليمية جديدة تشمل جميع دول حوض النيل ليس بهدف التعاون في مجال المياه فقط وإنما من اجل التعاون الاقتصادي الكامل في جميع المجالات بحيث يكون نهر النيل الذي يمثل القاسم المشترك بين هذه البلدان هو سبب وحافز للتعاون الاقتصادي وليس مجالا للتنافر والصراع والتنافس على الموارد([43]).

إذ دعت مصر إلى عقد مؤتمر يضم دول الحوض وبناءً على ذلك تم عقد المؤتمر الأول لدول حوض النيل في تشرين الأول عام 1983 في العاصمة السودانية وبحضور كل من مصر والسودان وأوغندا وزائير وأفريقيا الوسطى (على الرغم من أنها ليست من دول الحوض)، إذ تم تبادل وجهات النظر بهدف التعاون الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بينهم.

كما تم انعقاد المؤتمر الثاني في العاصمة الزائيرية (كينشاسا) في أيلول عام 1984 إذ تم تغيير اسم المؤتمر الأول إلى تجمع “الاندوجو” إذ بلغ عدد الدول فيها إلى ثماني دول بعد انضمام كل من رواندا وبورندي كأعضاء مراقبين وتحولا بعد ذلك إلى عضوين دائمين ثم توالى بعد ذلك انضمام كل من تنزانيا وكينيا وأثيوبيا، وأن ظلت الأخيرتين متحفظتين بصفة مراقب .

4-مشروع التيكونيل:

يعد تجمع التيكونيل أول آلية جماعية منظمة تنشأ بهدف إيجاد تعاون إقليمي بين دول حوض النيل في أوغندا تم بدأ هذا المشروع في كانون الأول عام 1992 بهدف مراجعة وتقييم مشروع الهيدروميت، وتم في ذلك اللقاء الاتفاق على تكوين لجنة التعاون الفني لتعزيز تنمية حوض نهر النيل والحفاظ على بيئته، إذ وقعت عليه كل من مصر والسودان وأوغندا ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندي أما كينيا وأثيوبيا ،وأريتيريا فقد فضلوا البقاء بصفة مراقبين وقد بدأ التيكونيل فاعليته في كانون الثاني عام 1993، واختيرت مدينة عنتيبي بأوغندا مقراً لها([44]).

وقد استهدف مشروع التيكونيل تحقيق نوعين من الأهداف([45]):

الأولى: أهداف طويلة الأجل تشمل على مساعدة دول حوض النيل في تنمية وحماية واستخدام الموارد المائية له من خلال الوصول إلى تحقيق تعاون شامل ومتكامل بين دول الحوض مما يحقق مصلحتها جميعاً، فضلا عن مساعدة هذه الدول في تحديد النصيب العادل لكل منها من مياه النيل.

الثانية: أهداف قصيرة المدى تشمل على مساعدة دول حوض النيل في أعداد وتطوير خططها المائية الوطنية، فضلا عن مساعدتهم على إقامة البنية التحتية وتوفير التقنيات والقدرات اللازمة لحسن إدارة الموارد المائية لحوض النيل، وتحقيق الانتفاع الأمثل منها لصالح دول الحوض لكن يبقى من أهم ما حققه مشروع التيكونيل هو مؤتمرات النيل عام 2002، ووضع خطة شاملة لتنمية حوض النيل والتي انطوت على (22) مشروع بتكلفة حوال (100) مليون دولار، تتعلق أساسا بتنمية الموارد المائية وحسن أدارتها ورفع مستوى كفاءة القائمين علها وحماية البيئة والحفاظ عليها من خلال مكافحة التلوث والحد من الترسيب وتآكل التربة ونمو النباتات المائية في البحيرات الاستوائية([46]).

5-مبادرة حوض النيل (NBI)

تأسست مبادرة حوض النيل عام 1999، بهدف وضع استراتيجية للتعاون بين دول حوض النيل والانتقال من مرحلة الدراسات إلى مرحلة تنفيذ المشروعات، وقد رفعت المبادرة شعار (تحسين معدلات التنمية الاقتصادية ومحاربة الفقر) وفي محاولة للانتقال بمستوى التعاون الجماعي خطوة اكثر تقدماً مما أسفرت عنه مشاريع التعاون الجماعي الثلاثة مشروع الدراسات الهيدرومترولوجية تجمع الاندوجو التيكونيل) وقد وضع هذا التحول الإيجابي من جانب دول الحوض محل تساؤلات يتعلق بقدرتها على تلافي سلبيات التجارب السابقة ولاسيما أن الانطلاقة الحقيقية للمبادرة ومشروعاتها تبقى مرهونة بالمدة الانتقالية أو بمدة عمل دراسات الجدوى والمقدر لها بنحو سبع سنوات، الأمر الذي يضع المبادرة والإدارة الجماعية لدول الحوض، أمام مجموعة من المحاذير والحقائق التي فرضتها وجود نهر النيل كرابط تنموي بين دوله عبر فترات تاريخية ممتدة.

قوبلت المبادرة بشكل كبير من التفاؤل وعدها الكثيرون بمثابة نقله نوعية في العلاقات بين دول حوض النيل ودفعه قوية لمشروعات العمل الاجتماعي بين دول الحوض كافة وخاصة أنها تستند إلى مبادرة التوزيع العادل لمياه نهر النيل المائية والطبيعية، وان المياه حق لكل دولة من دول الحوض كما تم الاتفاق على أن لا تكون الاستفادة من أي مشروع في إطارها من نصيب دولتين على الأقل من دول الحوض كما أن المبادرة لم تقتصر على إقامة مشروعات مائية متناثرة هنا أو هناك وإنما كانت تعبير عن رؤية استراتيجية تستهدف ربط مصالح دول حوض النيل بعضها ببعض وذلك عبر مجموعة من المشروعات التنموية ذات المنفعة المشتركة لأكثر من دولة في قطاعات عدة أهمها الملاحة النهرية والزراعة والري والثروة السمكية والطاقة وبناء القدرات والتدريب ،وغيرها كما نظر البعض إلى المبادرة على أنها خطوة مهمة جداً في طريق التحولات المائية بين دول الحوض كما حظيت المبادرة بدعم حكومي واضح من جانب دول الحوض وقد حرصت مصر على تعميق الثقة بينها وبين دول الأعضاء وإزالة أية قدر من الشك أو الريبة في جدواها وقد انعكس على الهيكل التنظيمي للمبادرة ويشمل على ثلاثة اجهره: المجلس الوزاري واللجنة الفنية الاستشارية والسكرتارية الفنية([47]).

6-اتفاقية عنتيبي 2010:

لقد دفع فشل دول حوض النيل في الوصول إلى اتفاق خلال جولات التفاوض التي جرت في كل من الكونغو الديمقراطية كينشاسا في 23 أيار 2009، والإسكندرية في 27 -28 تموز 2009، وشرم الشيخ في 13 نيسان 2010 وإعلان مصر والسودان عدم موافقتهما على توقيع الاتفاق الاطاري من دون الوصول إلى اتفاق حول النقاط الخلافية إلى تبني بعض دول حوض النيل اتفاقية عنتيبي.

تم توقيع هذه الاتفاقية بين أربع دول من دول المنابع وهي (أوغندا أثيوبيا، تنزانيا رواندا)، وتم الاتفاق على إنشاء مفوضية جديدة لإدارة موارد النيل تسمى (مفوضية حوض النيل). يكون مقرها الأساسي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، وتضم هذه المفوضية ممثلين لدول حوض النيل، ويكون عملها تلقي اقتراحات المشاريع المائية بالرفض أو القبول، وهو ما يعني عدم الالتزام بأحكام الاتفاقيات التاريخية التي هي اتفاقية 1929 واتفاقية 1959.

كما انضمت كينيا إلى الدول الموقعة على هذا الاتفاق ثم بعدها انضمت بوروندي إلى الاتفاقية ليدق ناقوس الخطر حول قضية الأمن المائي المصري والسوداني ومستقبل التنمية فهما، ومرد الإنذار أن الاتفاق الاطاري الذي ترفضه مصر والسودان عقب توقيعه من بوروندي أصبح من الممكن دخوله حيز التنفيذ بعد تصديق برلمانات الدول الموقعة عليه([48]).

وعليه فقد تأثرت العلاقات بين دول حوض النيل بسبب عدم الاتفاق على تلك الاتفاقيات، وكان الخلاف دوماً على الاتفاقيات التي عقدت في الحقبة الاستعمارية ومن ثم فأن تلك الاتفاقيات لم تحظ بالقبول الكامل من دول حوض النيل ولذلك فأن الوضع القانوني أدى إلى أن أصبح النظام الإقليمي لحوض النيل يخلو من إطار قانوني مؤسس عام وشامل ويحظى بقبول الدول النامية([49]).

واسهم ذلك الأمر في خلق بيئة ملائمة لإمكانية ظهور خلافات ومنازعات مائية في حوض النيل، وهو ما يعني أن الوضع القانوني في حوض النيل قد شكل محدداً للصراع المائي بين دول المصب من ناحية ودول المنبع من ناحية أخرى وكما يلي:

أ-الصراع حول مدى إمكانية إلزام الدول بشرط الأخطار المسبق عند القيام بمشروعات مائية داخلية على النهر.

ب-الصراع حول مدى قانونية الاتفاقيات السابقة التي وقعت في نهايات القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ومدى مرجعتيها كإطار قانوني ينظم المسائل الإجرائية الخاصة بالنهر في ظل أن معظم دولها كانت تحت السيطرة الاستعمارية وأنها هي التي وقعت تلك الاتفاقيات بالنيابة.

ج-الصراع حول تقاسم المياه المشتركة بين دول حوض النيل والدعوة إلى إعادة توزيع الحصص المائية بين الدول.

وعقب توقيع الاتفاقية اتخذت الدول الموقعة سياسات تصعيدية ضد مصر بشكل اثأر موجه من الحرب الإعلامية بين الطرفين على المستويين الإعلامي والرسمي كما ذهب رئيس الوزراء الأثيوبي (ميليس زيناوي) إلى شن هجوم حاد على مصر متهماً إياها بأنها لا تزال تقع تحت سيطرة الأفكار غير المجدية وهي أنها تمتلك مياه النيل وهي من تحدد وحدها الحصص بين دول حوض النيل وأضاف إلى أن مصر ليس من حقها منع أثيوبيا من إقامة سدود على نهر النيل.

وقد أعلنت أثيوبيا فيما بعد عن استكمال مشروعها المائي الجديد سد (تانا بيليس) لتوقيع اتفاقية عنتيبي في 15 أيار 2010، بالرغم من أن اتفاق عنتيبي لم يتضمن تقسيماً جديداً للحصص المائية لدول حوض النيل نظراً لما يترتب على الاتفاق من أضرار بالعلاقات بين أطرافه من جهة ودول المصب من جهة ثانية، كما انه سيفقد الدول الموقعة عليه مشروعات كثيرة لن يتم تنفيذها إلا على مستوى دول حوض النيل جميعاً([50]).

وعليه يتبين أن أثيوبيا ترفض دائماً إيجاد أرضية حقيقية للتعاون مع مصر بخصوص تنظيم استعمال مياه نهر النيل، وترفض كذلك كل الطلبات المصرية لتشكيل هيئة خاصة بدراسة أحواض نهر النيل وتنظيم مياهه، وان اشتركت فيها فأنها تدخل بصفة مراقب في هذه الهيئات وتتخذ الطرق كافة حتى لا تنضم اليها أو تشترط بدخول هذه الهيئات بإلغاء جميع الاتفاقيات المبرمة في ذلك الوقت لأنها تنظر إلى هذه الاتفاقيات على أنها اتفاقيات لم تشكل إلا لخدمة مصر.

الخاتمة

بعد تحليل أبعاد مشروع سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على الأمن القومي المصري، يتضح أن هذه الأزمة تتجاوز كونها خلافًا فنيًا حول مشروع مائي، لتشكل تهديدًا استراتيجيًا متعدد الأبعاد يمسّ الأمن المائي والغذائي والسياسي والاقتصادي لمصر. فبما أن نهر النيل يمثل الشريان الأساسي للحياة في مصر، فإن أي مساس بحصتها التاريخية من المياه يُعد مساسًا بأمنها القومي المباشر.

كما أظهرت الدراسة أن مسار المفاوضات الثلاثية لم ينجح في الوصول إلى اتفاق مُلزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، نتيجة تعنت إثيوبي وافتقار العملية التفاوضية لوساطة فعالة أو ضغط دولي حاسم، وهو ما ساهم في تعقيد المشهد وزيادة هشاشة الأمن الإقليمي.

أولاً_الاستنتاجات:

  1. الأمن المائي عنصر مركزي في الأمن القومي المصري، وبالتالي فإن أي تهديد لحصة مصر من نهر النيل ينعكس مباشرة على قطاعات الزراعة والصحة والطاقة.
  2. غياب اتفاق قانوني مُلزم بشأن سد النهضة يعكس خللاً واضحًا في النظام القانوني الدولي لتنظيم الأنهار الدولية، ويكشف ثغرات في التعامل مع النزاعات العابرة للحدود.
  3. للفاعلين الدوليين والإقليميين دور كبير في توجيه مسار الأزمة، سواء من خلال التمويل أو الدعم السياسي، ما يعكس الطابع الجيوسياسي للمشكلة.
  4. مصر ما زالت تعتمد على الأدوات الدبلوماسية والقانونية دون الوصول إلى نتائج ملموسة، في ظل غياب ردع فعّال يحول دون التصرفات الأحادية من إثيوبيا.
  5. التضامن المصري-السوداني لا يزال غير مؤسسي ويحتاج إلى تنسيق استراتيجي طويل الأمد لمواجهة التحديات المشتركة.

ثانياً_ التوصيات:

  1. تدويل القضية من خلال إحالتها إلى مجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية لتسليط الضوء على مخاطر المشروع باعتباره تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
  2. الضغط على الدول والجهات المانحة لوقف تمويل المشروع ما لم يتم التوصل إلى اتفاق ثلاثي مُلزم، وذلك عبر أدوات دبلوماسية واقتصادية وإعلامية.
  3. توسيع الشراكات الإقليمية مع السودان ودول المصب الأخرى لإنشاء تكتل تفاوضي قوي يضع حقوق دول المصب على رأس الأولويات.
  4. الاستثمار في البنية المائية الداخلية، من خلال تنويع مصادر المياه وتحسين كفاءة استخدامها، خاصة في مجالات الزراعة والصرف الصحي.
  5. العمل على مسارات متوازية تشمل التفاوض والضغط القانوني والدولي، إلى جانب رفع الجاهزية السياسية والتقنية للتعامل مع أسوأ السيناريوهات المحتملة.
  6. إعادة بناء استراتيجية إعلامية وطنية تبرز أبعاد التهديد المائي وتكسب تأييدًا دوليًا وشعبيًا للحقوق المصرية في مياه النيل.

قائمة المصادر والمراجع

 أولاً_ الكتب العامة

  1. ( محمد سيف حيدر، القرصنة البحرية في خليج عدن والمحيط الهندي التهديدات والاستجابة، مركز البحوث والمعلومات، المملكة العربية السعودية، 2016.
  2. إبراهيم السيد احمد رمضان، مسؤولية أثيوبيا والدول الممولة والشركات المنفذة عن أنشاء سد النهضة في ضوء أحكام القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، مصر، 2017.
  3. ايمن السيد عبد الوهاب، مياه النيل في السياسة المصرية، الهيئة المصرية العامة للكتب مصر، 2006.
  4. خالد احمد الرماح، القرصنة الصومالية وتهديد الأمن القومي اليمني الأبعاد والإشكاليات، المركز العربي للنشر والتوزيع، مصر، 2015.
  5. سامي زكي يعقوب، البعد المائي في العلاقات السياسية المصرية الأثيوبية، دار النهضة العربية، مصر، 2015.
  6. سعد شاكر شبلي، النزاع على المياه وأثره في علاقات الدول العربية مع الدول المجاورة، دار زهران للنشر والتوزيع، الأردن، 2017.
  7. صاحب الربيعي، القانون الدولي وأوجه الخلاف والأنفاق حول مياه الشرق الأوسط، دار الكلمة، سوريا، 20001.
  8. صلاح الدين عامر، مصر واثيوبيا في نصف قرن، مركز الاهرام للترجمة والنشر، مصر ، 2008.
  9. عباس محمد شراقي، سد النهضة الألفية الأثيوبي الكبير وتأثيره على مصر، أعمال مؤتمر ثورة 25 يناير 2001 ومستقبل مصر بدول حوض النيل للمدة من 30 إلى 31 أيار 2011، مصر، 2011.
  10. عبد الملك خلف التميمي، المياه العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، 2000.
  11. عماد قدورة، نحو امن عربي للبحر الأحمر، مركز الأمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الأمارات العربية المتحدة، 2015.
  12. عمر فضل الله، حرب المياه علي ضفاف النيل (حلم إسرائيلي يتحقق)، دار نهضة مصر للنشر، القاهرة، 2013.
  13. ممدوح الولي، اقتصاديات دول حوض النيل، مكتبة جزيرة الورد، مصر، 2020.
  14. مهند النجداوي، إسرائيل في حوض النيل دراسة في الاستراتيجية الإسرائيلية، العربي للنشر والتوزيع، مصر، 2013.
  15. نادر نور الدين محمد, موارد دول حوض النيل المائية والارضية ومستقبل التعاون والصراع في المنطقة, ط1, الدار العربية للعلوم, مركز الجزيرة للدراسات, قطر, 2011.
  16. نورا جليل هاشم، الممرات المائية وامن الطاقة المائية، دار الكتب العلمية، العراق، 2011.
  17. وعد الله حسين ياسين الحمداني، نهر النيل وتأثيره على الأمن القومي العربي، المكتب الجامعي الحديث، مصر، 2014.
  18. سامي السيد احمد، السياسة الأمريكية تجاه صراعات القرن الأفريقي ما بعد الحرب الباردة، مركز الأمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الأمارات العربية المتحدة، 2017.

ثانياً_ الأطاريح

  1. احمد مصطاف، الأبعاد الاستراتيجية لقضية المياه في الشرق الأوسط، أطروحة دكتوراه، جامعة النهرين، العراق، 2015.
  2. خالد مشرف عيدان، العلاقات المصرية الأثيوبية بعد الحرب الباردة، أطروحة دكتوراه، الجامعة المستنصرية، العراق، 2016.
  3. عبد الحميد الموساوي، استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية حيال القارة الأفريقية بعد الحرب الباردة، أطروحة دكتوراه، جامعة بغداد، العراق، 2002.

ثالثاً_ المجلات

  1. بدر الشافعي، النزاع الأثيوبي واحتمالات المستقبل، مجلة السياسية الدولية، العدد 141، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر، 2018.
  2. خلود محمد خميس، أثيوبيا وأزمة المياه، مجلة المرصد الدولي، العدد 16، العراق، 2011.
  3. عادل عبد الرزاق، التوجه المصري لإدارة أزمة المياه في حوض النيل/ مجلة أفاق أفريقية، العدد 31، مصر، 2010.
  4. عمر عبد الفتاح، موقف الداخل الأثيوبي اتجاه سد النهضة، مجلة السياسية الدولية، العدد 193، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر، 2013.
  5. قحطان احمد سليمان الحمداني، واقع ومستقبل الصراعات الدولية والإقليمية في البحر الأحمر، مجلة العلوم السياسية، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، العدد 30، العراق، 2005.
  6. محمد سالمان طايع، الموقف المائي في دول حوض النيل، مجلة السياسية الدولية، العدد 34، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر، 2016.
  7. هاني رسلان، رؤية نقدية لإدارة أزمة سد النهضة، مجلة السياسية الدولية، العدد 199، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر، 2015.

رابعاً_ المواقع الالكترونية

  1. احمد علو، البحر الأحمر صراع على طرق الموارد بين مضيقين، مجلة الجيش، العدد 315، لبنان، منشور على الموقع الالكتروني الاتي: https://2u.pw/hVCrce8.
  2.  احمد كمال، سد النهضة الأثيوبي وتأثيره على الأمن القومي المصري، مقال منشور على الالكتروني: https://jcopolicy.uobaghdad.edu.iq/index.php/jcopolicy/article/view/602.
  3.  نجلاء محمد مرعي، الصراع في حوض النيل والقرن الأفريقي وأثره على امن المنطقة، مقال منشور على الموقع الالكتروني الاتي: https://shamela.ws/book/1541/4429.

الفهرست

المقدمة 1

المطلب الأول  الأهمية الاستراتيجية لنهر النيل وسد النهضة 4

الفرع الأول الأهمية الجيوستراتيجية لنهر النيل. 4

الفرع الثاني طبيعة موقع سد النهضة الاستراتيجي والعوامل المؤثرة عليه 9

المطلب الثاني سياسية المياه الاثيوبية المصرية وتطور العلاقة بينهم 12

الفرع الأول السياسة المائية لمصر وأثيوبيا في حوض نهر النيل. 13

الفرع الثاني المشاريع والأطر التعاونية بين مصر وأثيوبيا 18

الخاتمة 27

قائمة المصادر والمراجع. 29


([1]) عمر فضل الله، حرب المياه علي ضفاف النيل (حلم إسرائيلي يتحقق)، دار نهضة مصر للنشر، القاهرة، 2013، ص 51-52.

([2]) سامي زكي يعقوب، البعد المائي في العلاقات السياسية المصرية الأثيوبية، دار النهضة العربية، مصر، 2015، ص29.

([3]) عبد الحميد الموساوي، استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية حيال القارة الأفريقية بعد الحرب الباردة، أطروحة دكتوراه، جامعة بغداد، العراق، 2002، ص7.

([4]) نجلاء محمد مرعي، الصراع في حوض النيل والقرن الأفريقي وأثره على امن المنطقة، مقال منشور على الموقع الالكتروني الاتي: https://shamela.ws/book/1541/4429 تاريخ الزيارة: 7/4/2025.

([5]) سامي السيد احمد، السياسة الأمريكية تجاه صراعات القرن الأفريقي ما بعد الحرب الباردة، مركز الأمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الأمارات العربية المتحدة، 2017، ص29.

([6]) احمد علو، البحر الأحمر صراع على طرق الموارد بين مضيقين، مجلة الجيش، العدد 315، لبنان، منشور على الموقع الالكتروني الاتي: https://2u.pw/hVCrce8 تاريخ الزيارة: 8/4/2025.

([7]) قحطان احمد سليمان الحمداني، واقع ومستقبل الصراعات الدولية والإقليمية في البحر الأحمر، مجلة العلوم السياسية، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، العدد 30، العراق، 2005، ص61.

([8]) نورا جليل هاشم، الممرات المائية وامن الطاقة المائية، دار الكتب العلمية، العراق، 2011، ص31.

([9]) عماد قدورة، نحو امن عربي للبحر الأحمر، مركز الأمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الأمارات العربية المتحدة، 2015، ص12.

([10]) مهند النجداوي، إسرائيل في حوض النيل دراسة في الاستراتيجية الإسرائيلية، العربي للنشر والتوزيع، مصر، 2013، ص105.

([11]) محمد سيف حيدر، القرصنة البحرية في خليج عدن والمحيط الهندي التهديدات والاستجابة، مركز البحوث والمعلومات، المملكة العربية السعودية، 2016، ص29.

([12]) خالد احمد الرماح، القرصنة الصومالية وتهديد الأمن القومي اليمني الأبعاد والإشكاليات، المركز العربي للنشر والتوزيع، مصر، 2015، ص77.

([13]) نادر نور الدين محمد, موارد دول حوض النيل المائية والارضية ومستقبل التعاون والصراع في المنطقة, ط1, الدار العربية للعلوم, مركز الجزيرة للدراسات, قطر, 2011, ص 17.

([14]) عباس محمد شراقي، سد النهضة الألفية الأثيوبي الكبير وتأثيره على مصر، أعمال مؤتمر ثورة 25 يناير 2001 ومستقبل مصر بدول حوض النيل للمدة من 30 إلى 31 أيار 2011، مصر، 2011، ص5.

([15]) احمد كمال، سد النهضة الأثيوبي وتأثيره على الأمن القومي المصري، مقال منشور على الالكتروني: https://jcopolicy.uobaghdad.edu.iq/index.php/jcopolicy/article/view/602 تاريخ الزيارة: 10/4/2025.

([16]) سعد شاكر شلبي، النزاع على المياه وأثره في علاقات الدول العربية مع الدول المجاورة، دار زهران للنشر والتوزيع، الأردن، 2017، ص238.

([17]) محمد سالمان طايع، الموقف المائي في دول حوض النيل، مجلة السياسية الدولية، العدد 34، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر، 2016، ص60.

([18]) هاني رسلان، رؤية نقدية لإدارة أزمة سد النهضة، مجلة السياسية الدولية، العدد 199، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر، 2015، ص132.

([19]) عمر عبد الفتاح، موقف الداخل الأثيوبي اتجاه سد النهضة، مجلة السياسية الدولية، العدد 193، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر، 2013، ص106.

([20]) إبراهيم السيد احمد رمضان، مسؤولية أثيوبيا والدول الممولة والشركات المنفذة عن أنشاء سد النهضة في ضوء أحكام القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، مصر، 2017، ص21.

([21]) محمد رياض، مصر وسد النهضة الأثيوبي، مرجع سابق، ص72.

([22]) خلود محمد خميس، أثيوبيا وأزمة المياه، مجلة المرصد الدولي، العدد 16، العراق، 2011، ص255.

([23]) مصطفى عبد الكريم مجيد، إثر متغير المياه في العلاقات المصرية الأثيوبية، مرجع سابق، ص196.

([24]) صاحب الربيعي، القانون الدولي وأوجه الخلاف والأنفاق حول مياه الشرق الأوسط، دار الكلمة، سوريا، 20001، ص196.

([25]) عباس محمد شراقي، بين الجيولوجيا والسياسة…. رؤية فنية لسد الألفية الأثيوبي، مرجع سابق، ص80.

([26]) وعد الله حسين ياسين الحمداني، نهر النيل وتأثيره على الأمن القومي العربي، المكتب الجامعي الحديث، مصر، 2014، ص130.

([27]) خالد مشرف عيدان، العلاقات المصرية الأثيوبية بعد الحرب الباردة، أطروحة دكتوراه، الجامعة المستنصرية، العراق، 2016، ص130.

([28]) عبد الملك خلف التميمي، المياه العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، 2000، ص160.

([29]) ايمن السيد عبد الوهاب، مياه النيل في السياسة المصرية، الهيئة المصرية العامة للكتب مصر، 2006، ص29.

([30]) عادل عبد الرزاق، التوجه المصري لإدارة أزمة المياه في حوض النيل/ مجلة أفاق أفريقية، العدد 31، مصر، 2010، ص96.

([31]) سعد شاكر شبلي، النزاع على المياه وأثره في علاقات الدول العربية مع الدول المجاورة، دار زهران للنشر والتوزيع، الأردن، 2017، ص236.

([32]) بدر الشافعي، النزاع الأثيوبي واحتمالات المستقبل، مجلة السياسية الدولية، العدد 141، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر، 2018، ص35.

([33]) احمد مصطاف، الأبعاد الاستراتيجية لقضية المياه في الشرق الأوسط، أطروحة دكتوراه، جامعة النهرين، العراق، 2015، ص99.

([34]) خلود محمد خميس، أثيوبيا وأزمة المياه، مرجع سابق، ص16.

([35]) عباس محمد شراقي، بين الجيولوجيا والسياسة…. رؤية فنية لسد الألفية الأثيوبي، مرجع سابق، ص91.

([36]) ظفر عبد مطر التميمي، سد النهضة الأثيوبي، مرجع سابق، ص280.

([37]) مصطفى عبد الكريم مجيد، إثر متغير المياه في العلاقات المصرية الأثيوبية، مرجع سابق، ص201.

([38]) خلود محمد خميس، أثيوبيا وأزمة المياه، مرجع سابق، ص20.

([39]) عباس محمد شراقي، بين الجيولوجيا والسياسة…. رؤية فنية لسد الألفية الأثيوبي، مرجع سابق، ص85.

([40]) بدر الشافعي، النزاع الأثيوبي واحتمالات المستقبل، مرجع سابق، ص41.

([41]) سعد شاكر شبلي، النزاع على المياه وأثره في علاقات الدول العربية مع الدول المجاورة، مرجع سابق، ص77.

([42]) صلاح الدين عامر، مصر واثيوبيا في نصف قرن، مركز الاهرام للترجمة والنشر، مصر ، 2008، ص138.

([43]) ممدوح الولي، اقتصاديات دول حوض النيل، مكتبة جزيرة الورد، مصر، 2020، ص90.

([44]) محمد رياض، الجوانب الفنية في أزمة سد النهضة، مرجع سابق، ص158.

([45]) صلاح الدين عامر، مصر واثيوبيا في نصف قرن، مرجع سابق، ص140.

([46]) ممدوح الولي، اقتصاديات دول حوض النيل، مرجع سابق، ص101.

([47]) صلاح الدين عامر، مصر واثيوبيا في نصف قرن، مرجع سابق، ص142.

([48]) محمد رياض، مصر وسد النهضة الأثيوبي، مرجع سابق، ص81.

([49]) مصطفى عبد الكريم مجيد، إثر متغير المياه في العلاقات المصرية الأثيوبية، مرجع سابق، ص218.

([50]) محمد رياض، مصر وسد النهضة الأثيوبي، مرجع سابق، ص83.

جميع الحقوق محفظوفة لمجلة الكندي – تصميم و برمجة شركة KAMIRAN TECH